*الحــــــديد:"Fe":
معدن لامع فضي أبيض اللون ، وتتراوح صلادته بين (4) إلى (5) بمقياس موس، وهو معدن ناعم الملمس قابل للسحب والطرق. ويتمغنط بسهولة فيدرجات الحرارة العادية، بينما تصعب عملية المغنطة عندما يسخن الحديد، وعند درجةحرارة (790) درجة مئوية، تختفي خاصية المغنطة.
والحديد من العناصر المعدنيةالانتقالية التي تقع في المجموعة ( من الجدول الدوري8)، ورقمه الذري (26)، ووزنهالذري (55.847)، ويبلغ وزنه النوعي (7.86). وينصهر الحديد عند درجة حرارة (1535)ْمئوية, ويغلي عند درجة حرارة (2750)ْ مئوية.
*خصائص الحديد:
يوجد الحديد حرا -أي غير متحد بعناصر أخرى ما خلا بعض الشوائب- في الطبيعة إلاأن نسبته ضئيلة جدا ولكن مركباته واسعة الانتشار في التربة والصخور بنسب متفاوتة،وأهم خاماته التي تصلح للتعدين والحصول على الحديد هي أكسيد الحديد المغناطيسيويطلق عليه أحيانا اسم أكسيد الحديد الأسود. ومن خاماته الرئيسية الأخرى حجر الدموهو أكسيد الحديديك، والليمونيت وهو أوكسيد الحديديك المائي الذي يحتوي على ماءالتبلور، والسدريت وهو كربونات الحديدوز وتحتوي أغلب خامات الحديد على شوائب منمركبات وعناصر غيره، كالرمل أو ثاني أكسيد السليكون، والفوسفور، والمنجنيز.
ومن الناحية الكيميائية، فإن الحديد معدن نشط، وهو يتحد مع الهالوجين والكبريتوالفوسفور والكربون والسليكون، كما أنه يزيح الهيدروجين من كل الأحماض المخففة. ويحترق الحديد في الأكسجين مكونا أكسيد فيروسوفريك. وعندما يتعرض الحديد للهواءالرطب، فإنه يصدأ ويكون أكسيدا حديديا رقيقا يتراوح لونه بين البني والأحمر (الصدأ).
ويعتبر تكون الصدأ ظاهرة كهربائية كيميائية حيث تتحد الشوائب الموجودةفي الحديد اتحادا كهربيا مع معدن الحديد. ومما يزيد من سرعة التفاعل الماء والموادالمذابة المتحللة كهربائيا مثل الملح. وأثناء هذه العملية، يتحلل معدن الحديدويتفاعل مع الأكسجين في الهواء مكونا الصدأ. ويستمر التفاعل أسرع في المواضع التييتراكم فيها الصدأ ويصبح سطح المعدن كما لو كان به حفر. وعندما يغمس الحديد في حمضالنتريك المركز، فإنه يكون طبقة من الأكسيد تجع له سالبا بمعنى أنه لا يتفاعلكيميائيا مع الأحماض أو المواد الأخرى. ويتم التخلص من طبقة الأكسيد الواقية منخلال الطرق والضرب على المعدن الذي يصبح نشطا مرة أخرى.
والخامات التي تصلحللتعدين تحتوي عادة على نسبة لا تقل عن (50%) من الحديد، وقد تصل نسبة الحديد فيبعض خاماته إلى (65%) كما هو الحال في خاماته الموجودة في القارة الإفريقية.
*تاريخ معدن الحــديد:
عرف الإنسان الحديد منذ فجر التاريخ كمادة صلبة تهبط من السماء وهوالحديدالنيزكي . وكان ينظر إليه بشيء من الخوف والتقديس ويسميه معدن السماءأو معدن الآلهة. ثم عرف الحديد الناتج عن البراكين، حيث تصهر نيران البراكين بعضمعادن الحديد التي يتصادف وجودها في موقع الحرائق. وكان الحديد الناتج من هذهالحرائق يحتوي على قدر كبير من الشوائب أهمهاالفحم، ومن ثم لم يرض الإنسان القديم بهذا النوع من الحديد فبدأ في تحسينصفاته بالمعالجة بالنار لتخليصه مما علق به من شوائب.
وكان المصريون القدماء همأول من استخدموا الحديد النيزكي، حيث عثر على أدوات مصنعة من هذا الحديد ترجع إلىحوالي عام 3500 قبل الميلاد. ولم يتم استخلاص الحديد من خاماته بالصهر إلا حواليعام 1200 قبل الميلاد، وبدأت منذ ذلك الوقت صناعة الحديد. وقد عثر في منطقة بحرإيجة على سيف حديدي يرجع تاريخه إلى حوالي عام 1350 قبل الميلاد.
وكان الحديدلأجيال طويلة نادرا لدرجة أنه كان يعتبر أغلى من الذهب ، وكانت مهنة الحدادة منأشرف المهن في العصور القديمة والوسطى، فقد كانت مهنة نبي الله داود عليه السلام.
ولقد ظل الحديد لفترة طويلة يستخدم في صناعة الأسلحة ولا سيما السيوف ، ثمتطورت صناعته بعد ذلك وأدخلت الأدوات الزخرفية. وفي القرن الرابع الهجري / العاشرالميلادي كتب الكيميائيون المسلمون رسائل في أنواع الحديد واستخداماتها، فيذكرالبيروني في كتابه الجماهر أن الحديد على نوعين أحدهما لين يسمى بالنرماهن، ويقصدبه الحديد المطاوع، ويلقب بالأنوثة لليونته. والنوع الثاني يدعى الشابرقان ويقصد بهالحديد الصلب، ويلقب بالذكورة لشدته.
ثم يستطرد البيروني في وصف النوعين فيقولإن الشابرقان يقبل السقي معتأبيهالسقي لقليل انثناء، ويذكرللنرماهن صنفا آخر منقى بالإسالة حيث يصهر هذا النوع ويتحول إلى سائل لتخليصه منالحجارة ويسمى دوصا، وهو الحديد المطاوع النقي نسبيا، وهو صلب أبيض يضرب إلى اللونالفضي. ومن الشابرقان تصنع سيوف الروم والروس والصقالبة وربما سمي بالقلع بنصباللام وبجزمها فيقال على حد قول البيروني: "تسمع للقلع طنينا ولغيرهبححا، وقد سميت بعض السيوف بالقلعية وظنها قوم منسوبة إلى موضع أو بلدكالسيوف الهندية واليمانية". ويتحدث البيروني عن الحديد الذي يحتوي على بعضالشوائب، إضافة إلى صدئه فيقول "وفي الحديد بعد الدوص توبال وهي قشوره التي ترتميمنه بالطرق، وخبثه وصدأه المسمى لحمرتهزعفرانامنسوبا إليه".
ويذكر البيروني شيئا قليلا عن سبائك الحديد ولاسيما سبيكته مع الزرنيخ التي لم يجربها بنفسه فيقول "ويزعم الكيمياويون أنهم يلينونالحديد بالزرنيخ حتى ينذاب (ويقصد بالذوبان هنا الانصهار) في سرعة ذوبان الرصاصوأنه إذا صار كذلك صلب الرصاص وذهب بصريره، إلا أنه ينقص من بياضه فهذه أحوالالحديد المفردة".
ويتحدث البيروني عن الفولاذ حيث يعتبره مركبا من النرماهن ومنمائه الذي يسبقه إلى السيلان عند التخليص، ويقول إن بلد هراة مخصوص به وتسمـى بيضاتمن جهة الشكل وأنها طويلة مستديرة الأسافل على هيئةبواتقها، ومنها تطبع السيوف الهندية وغيرها. ويقسم أبو الريحان الفولاذ فيتركيبه إلى قسمين إما أن يذاب ما في البوتقة من النرماهن ومائه ذوبان سواء يتحدانبه، فلا يستبين أحدهما من الآخر، ويصلح هذا النوع للمبارد وأمثالها، ومنه يسبق إلىالوهم أن الشابرقان من هذا النوع وبصنعة طبيعية تقبل لها السقي. وإما أن يخلف ذوبما في البوطقة فلا يكمل الامتزاج بينهما، بل يتجاوز أجزاءهما فيرى كل جزء منلونيهما على حدة عيانا، ويسمى فرندا، ويتنافسون في النصول التي جمعته والخضرةويديمون صفتها. ولقد أشار البيروني إلى طريقة السقي في الفولاذ مشيرا إلى أن جميعأنواع الحديد التي نشاهدها، ونستعملها تحتوي على الشوائب بنسب متفاوتة، وفقا للآلةأو الجهاز المصنوع منه.
وحديثا يعد التعدين الحديث للحديد من خاماته وتحويلغالبيته إلى فولاذ الدعامة الأساسية في صرح المدنية الحاضرة. ولا يحضر الحديد النقيإلا بكميات ضئيلة جدا، ولأغراض علمية صرفة، تستهدف دراسة خواص الحديد النقي،الطبيعية منها والكيمياوية، ويحضر الحديد النقي بواسطة التحليل الكهربائي لكلوريده،أو لكبريتاته إضافة إلى اختزال أكاسيده، اختزالا تاما بواسطة غاز الهيدروجينوالحرارة.
كما يستعمل قليل من حديد الصلب لأغراض صناعية معينة، ويكون هذا النوعمن الحديد هشا إلى حد ما، ولا يقبل الطرق بل ينكسر عند طرقه. وبغية تنقية الحديد منالشوائب، فقد اخترع الفرن النفاخ، حيث يكون هذا الفرن كبير الحجم، يبلغ ارتفاعهنحوا من ثلاثة وثلاثين قدما وقطره حوالي ثمانية أمتار، ويبطن من الداخل بآجر ناريذي مزايا خاصة.
ويحضر الحديد التجاري، أي غير النقي، بطرائق معقدة من التعدين،والطريقة التي استخدمت منذ قرون أساسها اختزال أكاسيد الحديد، وكربوناته، التيتتجزأ بالتسخين إلى أكسيده، بواسطة الفحم ولاسيما فحم الكوك وأول أكسيد الكربون،حيث يتحد الفحم بأوكسجين الهواء فيحترق بأوكسجينه مكونا أول أكسيد الكربون، وهوعامل مختزل قوي، يقوم باختزال أكاسيد الحديد محررا غاز ثاني أكسيد الكربون ومصهرالحديد غير النقي.
ويحتوي الفولاذ الصلب على 1.5% من الكربون. وتعتمد طريقةصنعه على تنقية حديد الصلب من أغلب شوائبه، وتسخينه ثانية، وإضافة بعض الموادالأولية يحتوي الفولاذ المطاوع على بضعة أعشار بالمائة من الكربون. والفولاذ يقبلالطرق أكثر من حديد الصلب. ولا ينكسر بسهولة عند طرقه. وقد يسقي بعض الفولاذ، وذلكبتسخينه ثم تبريده تبريدا فجائيا، وبإعادة عملية السقي بدرجات حرارية معينة، وتبريدفجائي في درجة حرارية معينة أيضا بضع مرات يمكن الحصول على فولاذ جيد، ومرغوب فيه،من حيث الصلادة والمتانة.
*استخدامات الحديد:
كانت كمية الحديد الصلب المنتجة حتى منتصف القرن الثامن عشر الميلادي في أنحاءالعالم ضئيلة جدا. وفي أواخر القرن الثامن عشر استخدم حديد الزهر في الإنشاءات علىنطاق محدود حيث أن معظم المباني كانت صغيرة الحجم نسبيا وتبنى باستخدام الحجارة أوالطوب أو الخشب. ومنذ أوائل القرن التاسع عشر الميلادي دخل الحديد في استخداماتصناعية كثيرة. ولعل من أهمها تصنيع قضبان السكك الحديدية وعجلات عربات السككالحديدية. وانتهى في العقد الأخير من القرن التاسع عشر عندما أصب ح الصلب المادةالرئيسية المستخدمة في المباني الكبيرة.
كما أصبح للحديد استخدامات أخرى هامةمثل المسامير والمواسير والمعدات الحربية والأدوات المعدنية والأجزاء الصغيرة منالآلات وفي الصفائح المكسوة بالقصدير والتي كانت تستخدم كآنية للطعام.
ولما تمالتوصل إلى الصلب، أصبح الحديد المصنع المادة الخام الرئيسية في صناعة الصلب بلوأصبح من أهم تطبيقاته العملية اليوم. وقد يتم استخدام حديد أفران الاحتراق الذي لميتم تحويله إلى صلب في المسابك لإنتاج العناصر المصبوبة مثل مواسير المياه ومواسيرالصرف ومكونات المعدات الثقيلة والعديد من القطع الصغيرةالتي تستخدم في صناعات السكك الحديدية والسيارات.