برزت آفاق مبشرة لعلاج بعض أكثر أشكال العمى شيوعا في العالم وذلك بفضل قرنية اصطناعية. طورها خبراء البيولوجيا في كندا ويقولون إنها قد تمهد الطريق لإعادة البصر لآلاف البشر المصابين بالعمى. والتطور الجديد مثير جدا لأن المادة “الذكية” المستخدمة تمكن العين الأصلية والخلايا العصبية من التوالد والتكامل مع النسيج الاصطناعي. والمعروف ان بعض أكثر أنواع العمى شيوعا تنجم عن تضخم أو تضرر القرنية. وهناك أمراض تلحق أضرارا بالقرنية فيتبعثر الضوء عليها مما يؤدي إلى مشاكل بصرية كبيرة.
وقد أجرى الأطباء على مدى السنوات العشرين الماضية، العديد من عمليات زرع أو ترقيع القرنية على المرضى الذين لا يمكن إعادة البصر إليهم بأية طريقة أخرى، ولكن احتمال رفض الجسم للنسيج الجديد خلال السنوات الخمس الأولى يصل إلى 25%.
وعليه، يسعى العلماء منذ زمن إلى تطوير طرق لإنتاج مادة اصطناعية لا يرفضها الجسم فحسب وإنما تكون أيضاً حساسة بما يكفي لتركيز الضوء بالشكل الصحيح. وقد توجت الجهود التي بذلت في هذا المجال بتطوير قرنية اصطناعية في معهد أمراض العين بجامعة أوتاوا، حيث استخدمت الخبيرة البيولوجية الدكتورة ماي جريفيث مهاراتها في هندسة الأنسجة لتصميم النظام الجديد الذي يشبه العدسات اللاصقة والمصنوع من مزيج من الكولاجين وهو المادة الطبيعية التي تتكون منها القرنية البشرية، والبوليمر الاصطناعي الذي يمتلك بنية هيكلية تشبه بنية العضو الطبيعي. وتأمل جريفيث بأن توفر المادة بيئة تستطيع خلايا الجسم النمو فيها لتكون جزءا أساسيا من العين. وتقول الخبيرة “ يحاول العلماء منذ أوائل القرن التاسع عشر إنتاج قرنية ولكنهم لم ينجحوا في ذلك ، وأما الآن فنعتقد ان هذه المادة الذكية سوف تتمكن من تحفيز عملية توليد الأنسجة والخلايا العصبية”.
وتشير الدراسات إلى ان حوالي 10 ملايين شخص في العالم يعانون نوعاً من العمى يمكن معالجته عن طريق زرع القرنية أو ترقيعها. والعديد من هؤلاء أطفال في العالم الثالث، يفقدون أبصارهم نتيجة عدوى أو بسبب مضاعفات أمراض مثل الحصبة. وتضيف جريفيث: إنها البداية وينبغي علينا التحضير لإجراء التجارب الإكلينيكية على البشر. وفي بريطانيا، كما هو الحال في معظم بلدان العالم، هناك نقص في أعداد القرنيات التي يهبها أصحابها مقارنة بحجم الطلب، حيث إن بعض البشر حساسون لمسألة التبرع بالعين بعد الموت في حين أن البعض الآخر لا يعرف حتى الآن بوجود بنوك للعين يتم فيها تخزين الأعضاء المتبرع بها إلى حين زرعها لدى المرضى المهددين بفقدان أبصارهم. وإلى جانب ذلك، فقد تأثر الناس بفضيحة مستشفى ألدر هاي للأطفال في مدينة ليفربول عندما تبين انه يقوم بطريقة غير شرعية بتخزين أعضاء موهوبة. (كي.آر.تي)