الفصل الأول: انبهار (يرويه كارليس ريشاك):
امتدت
مسيرتي في عالم كرة القدم لأزيد من أربعين سنة، كلاعب أولا ثم كمدرب
لمختلف الفئات السنية ثم كمنقب عن المواهب لمصلحة فريق إف سي برشلونة،
جايلت خلالها العديد من اللاعبين الكبار و كان لي شرف اكتشاف العديد من
المواهب، لكن حالة ليونيل ميسي كانت فريدة من نوعها.
لم أومن أبدا
بالحب من أول نظرة لكنني اضطررت لمراجعة حساباتي لما رأيت مستوى ليونيل في
اختبار للناشئين بالنادي، أذكر جيدا أنني انبهرت به لدرجة أنني جعلته يوقع
على ظهر ورقة صغيرة حتى أضمن عودته لاحقا و هو ما حدث لحسن الحظ.
أدركت
منذ الوهلة الأولى أنني سأقدم للبرسا لاعبا خرافيا قلما تجود الميادين
بمثله، فمهارات ميسي لا يمكن وصفها باللسان لكن الفؤاد يقرض على شرفها ما
لا يحصى من دواوين الغزل، يكفي أنه الخليفة الشرعي لأفضل لاعب أنجبته
المستديرة بشهادة العالم أجمع.
لو كانت الكرة بستانا لكان ميسي أجمل
أزهاره، سيكون زهرة متفردة لا نظير لها تسحر بجمالها الناظرين، باختصار
ميسي سيكون الزهرة النادرة... الزهرة الزرقاء.
الفصل الثاني: غفران (يرويه جوان غاسبارت):
عندما
اتصل بي كارليس ريشاك ليحدثني عن ليونيل ميسي للمرة الأولى، كان صوته
متهدجا لدرجة أنني طالبته بالهدوء حتى يتسنى لي تمييز كلماته المتحشرجة من
فرط الحماس.
في ما بعد سأرى ميسي يلعب و سأعرف أن انفعالات ريشاك
كان لها ما يبررها و أكثر، فالملكات الفردية للأرجنتيني الصغير جعلته يتفوق
على أقرانه بمراحل عدة رغم مشاكل النمو التي كان يعاني منها، لقد كان
مذهلا بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
لم أتردد طبعا في إلحاق ليو
بصفوف النادي الذي تحمل مصاريف علاجه حتى نما و اشتد عوده، و النتيجة واضحة
جلية أمامكم الآن؛ لقد قدمنا للعالم واحدا من عباقرة المستديرة.
ولايتي
الرئاسية كانت أشبه بصحراء قاحلة اكتوى مشجعو البرسا بنار حرها، لكن
اكتشاف ميسي إبانها سيكون النقطة التي ستغفر لي الكثير من خطايا الماضي،
لقد كنت رئيسا للبرسا عندما وقع ليونيل في كشوفات الفريق ... و إنه لوسام
فخر سأتشرف بحمله طيلة حياتي.
الفصل الثالث: الابن البار (يرويه جوان لابورتا):
ليونيل
ميسي ابننا قبل أن يكون خريج مدرستنا أو لاعبا في صفوف نادينا، أحمد الله
أنني كنت شاهدا على كل مراحل نمو هذا الطفل المعجزة، ميسي لا يصدق... إنه
لاعب انبعث الزمن الجميل ليملأ حياتنا حبورا و ليعيد لكرة القدم ألقها و
بهجتها في زمن التكتيكات الدفاعية العقيمة و معضلة البحث عن النتيجة بأي
وجه كان.
عندما استلمت دفة قيادة البرسا صيف عام 2003، وجدت النادي
كالرجل المريض المثخن جسده بالجروح، فقمنا بعمل في العمق و أعدناه إلى
الواجهة رفقة ثلة من الرجال المخلصين لألوان البلوغرانا و لعلم كتلونيا،
حققنا الألقاب التي يعرفها الجميع و تعاقب على صفوف نادينا العديد من
النجوم الكبار لكن ميسي كان و لا زال هو الحبة التي تزين العقد، لن أتكلم
بلغة الأرقام المملة لأن لغة القلوب وحدها تستطيع أن توفي لميسي و لو جزءا
بسيطا مما نكنه لهذا الشاب البسيط المتواضع الخلوق ـ و الذي لا تسمع عنه
لغوا و لا تأثيما رغم أن من حقه التمتع بمباهج الحياة و هو شاب في عمر
الزهور ـ من حب و تقدير و امتنان و عرفان بالجميل.
ميسي الفائز
بالكرة الذهبية عن جدارة خلق ليلعب في برشلونة، و هو سائر على درب المجد
ليعتزل هنا و يكون أسطورة أساطير ناد لا ينضب معينه عن إنجاب الأساطير.
ميسي...
أنت ابننا و فرد من أفراد عائلتنا ... ببساطة نحن نحبك و نهواك... أنت
أكثر من مجرد لاعب لأكثر من مجرد ناد... بيسكا ميسي بيسكا إل بارسا إ بيسكا
كتلونيا.
الفصل الرابع: الخليفة (يرويه دييغو أرماندو مارادونا):
أنا
أعظم لاعب مر في تاريخ كرة القدم، لا داعي للنفاق و ادعاء تواضع لم يكن
أبدا من شيمي، لذلك على كل من قارنوني ببعض أشباه اللاعبين أن يسحبوا
أقوالهم و يعتذروا لميسي بدون قيد أو شرط لأن البرغوث هو خليفتي الشرعي على
عرش المستديرة.
يا سادة يا كرام ميسي يشبهني في كل شيء: له يسراي
الساحرة التي كانت تلتصق بها الكرة كمغناطيس، له سرعتي و حاستي التهديفية
الرهيبة، له دهائي و مكري في الملعب، له عينا و مخالب صقر و رشاقة قط بري
يمزق خصومه إربا، حتى هدفه في مرمى خيتافي يشبه هدفي على إنجلترا، لا بل و
أزيدكم من الشعر بيتا؛ فحتى هو سجل هدفا بيده على إسبانيول كما فعلت أنا ضد
بني الإنجليز!!
حتى بداياته مع المنتخب تشبه بداياتي لأن إحراز كأس العالم للشبان كان أول الغيث لي أيضا، بل إنه أحرز ذهبية الأولمبياد بعدها أيضا.
يلومونه
و يقولون أنه لا يقدم شيئا مع المنتخب متناسين سالف صنيعه، يا سادة حاكموه
بعد أن يعتزل الميادين لأننا نتكلم عن شاب واعد ما زال يملك كل المستقبل
أمامه.
ليو: أنت أفضل لاعب في العالم لا بل في الكون ... أنت خليفتي
و وريث عرشي... أنت مستقبل الأرجنتين... ميسي ... كم تحبك و تهواك و تعشقك
نفسي.
الفصل الخامس: نجمة الصباح (يرويه بيب غوارديولا):
عندما
عينت مدربا بعد رحيل فرانك ريكارد، خلت أن الموسم الأول سيكون لبناء فريق
تنافسي قادر على حصد الألقاب في ما يستقبل من سنوات، و كنت أجزم يقينا أن
ميسي لاعب كبير بل هو أفضل لاعب في العالم، لكنني لم أتصور قط أن يقودنا
لإحراز خمسة ألقاب في موسم واحد، إنه لشيء لا يصدق فعلا.
ميسي لاعب
لا يوصف، هو فقط يكتفي برسم لوحات فنية نادرة فوق ملاعب إسبانيا و أوروبا
ليبحر بنا نحو عوالم الفانتازيا حيث العمالقة يطاولون عنان السماء في
افتتان، ميسي يعطي لكرة القدم معنى و بعدا آخرين و هو قطعا يستحق الكرة
الذهبية و جائزة أفضل لاعب في العالم لأنه الأجدر و الأحسن فعلا، و هو
الخليفة الشرعي لدييغو مارادونا.
ميسي أطلق 38 سهما في موسم
الثلاثية منها أهداف حاسمة سجلها في نهائيي الكأس و دوري الأبطال و هدفان
في مباراة السانتياغو بيرنابيو أمنا لنا الفوز بلقب الليغا ليرتفع سجله إلى
6 أهداف في 7 مباريات كلاسيكو لعبها حتى الآن.
إنني لأفتخر و أتشرف بتدريب فريق يلعب في صفوفه ليونيل ميسي... الأغنية التي تعزف لحنها متفردا في ريبرتوار الأساطير.
الفصل السادس: نجم في حضرة البدر (يرويه رونالدينيو):
ميسي
أنا به أسعد و له قلبي يطرب، منذ أول لمسة عرفت أنه سيتبوأ عرش الكرة
العالمية لأن مهاراته تجعلته يغرد خارج السرب و يمشي واثق الخطوة الهوينا
على دروب المجد.
ليونيل هو بمثابة الأخ الأصغر بالنسبة لي، تابعته
منذ أن كان يلعب مع شبان لاماسيا و هنالك جزمت يقينا أننا على أعتاب ولادة
نجم أسطوري لن تشهد له الملاعب نظيرا إلا بعد زمن طويل.
ما زلت
أتذكر أول هدف لميسي مع برشلونة بكثير من الاعتزاز لأنني تشرفت بمنحه
التمريرة الحاسمة، كان ذلك ضد نادي ألباسيطي يوم 1 ماي 2005، دخل ميسي
احتياطيا في وقت كنا متقدمين بهدف، سجل هدفا رفضه الحكم بداعي التسلل لكنه
لم ييأس و أعاد المحاولة حتى أحرز هدف الأمان بعد رفع الكرة على الحارس
بطريقة لا يفعلها إلا الكبار، فرحت به و احتضنته و كان وجه سعد على
النوكامب الذي احتفل بالتتويج بردح قليل من الزمن بعدها.
سأفتخر و
أنا أقول لأبنائي أنني شهدت خروج هذه الفراشة من شرنقتها لتفعم الدنيا بعبق
أريجها الفواح، ميسي أفضل لاعب في العالم و إن استمر على ذات التوهج
فسيخلد اسمه كأفضل لاعب في تاريخ الكرة على الإطلاق... ميسي زهرة نادرة لا
تنبت إلا فوق قمم الجبال ... زهرة لا مثيل لها ... ميسي زهرة زرقاء.
الفصل السابع: ذهب لا يصدأ بريقه (يرويه ليونيل ميسي بنفسه):
جئت
إليهم صغيرا، مريضا، فقيرا، لا حول لي و لا قوة، لكنهم آمنوا بموهبتي و
عالجوني، لذلك لا تتحدثوا عن فضلي على هذا النادي، بل اذكروا أفضال الدار
الكبيرة علي و على عائلتي.
برشلونة بيتي الأول و ليس الثاني، في
مدرستها نشأت و تعلمت أبجديات الإبهار، بين جنبات ملعبها نحتت على الصخر و
قفزت على الخوف و الصعاب و أدمت رجلي متاريس مشيت فوقها بكل ثقة حتى صنعت
لنفسي اسما يفتخر التاريخ بترديده، أي نعم... من أرض كتلونيا حيث يعانق
السحاب نخوة الأهالي كل صباح و حيث تتحول أشد الأحلام جموحا إلى واقع له
لون و طعم و رائحة تفوق لذتها نشوة الخيال... أنا ليونيل ميسي... أخاطبكم.
لا
داعي للأرقام هاهنا، فألقابي و تتويجاتي و المراحل التي مرت منها مسيرتي
تحفظونها عن ظهر قلب، أنا هنا فقط لتجديد الذكرى و لأهدي لكم ـ أنتم معشر
محبيي ـ كرتي الذهبية التي يفوق وميض حبكم و عشقكم في قلبي، بريق المعدن
الذي يتلألأ منها.
على العهد و الوعد باقون و على تسطير التاريخ بأحرف من ذهب إنا لعازمون... بيسكا أرخنتينا بيسكا إل بارسا إ بيسكا كتلونيا.
محبكم ليونيل ميسي ـ الزهرة الزرقاء.
الفصل الثامن: الزهرة الزرقاء (يرويه ملعب النوكامب):
عندما
نزل من البنفسج على متن هودجه اللازوردي ليلطخ بدمائه ثوبي الأزرق، بكت
أزهار الياسمين في قهر و مط الطاووس شفتيه في تبرم و أشاحت المروج بوجهها
غير راضية على مجيء هذه الزهرة التي ستخطف منها البريق و تستأثر لوحدها
بقصائد الغزل.
اشرأب عنقي لرؤية القادم الجديد و ضحكت في استهزاء
لما رأيته قزما تشي ملامحه بالبراءة و قلة الحيلة، لم يعر اهتماما لصفاقتي و
أخرج من جرابه نايا نحاسيا عزف به إلياذة الإبداع، أسكرتني نشوة الألحان و
طربت لشذى الأنغام فلم أستفق إلا على صوت الآلاف و هي تدوي بين جنباتي:
ميسي ميسي.
انتظرت أن يلوم عجلتي بعد أن ينتهى من عرضه السرمدي لكنه
رسم على وجهه ابتسامة التمعت لها أسنة الرماح و تخضبت بأنوارها ألوان
الشفق، فعانقنا بعضنا في شوق و أقسمنا على ترتيل ديوان الحب و الوفاء بكل
لغات العالم.
سكنت كهوفي نجوم عدة و زينت عنقي بأنفس الجواهر لكن
ميسي له حكاية مختلفة... إنه نجمة متفردة لا يحفظ مدارها سواي ... إنه زهرة
متفردة في الندرة... ميسي زهرة زرقاء
أتمنىأن يعجبكم موضوعي