ذكرت أساطير مصاص الدماء منذ آلاف السنين في العديد من الحضارات والثقافات حول العالم مثل حضارة بلاد الرافدين واليهود وحضارة الإغريق والحضارة الرومانية. وتضمنت قصص عن مخلوقات شيطانية وأرواح ماصة للدماء، والتي تعتبر أصل قصص مصاصي الدماء في الوقت الحاضر. وبتتبع قصص هذه الكائنات الأسطورية حول العالم نجد أن معظمها تركز على أن أصل هذه المخلوقات يعود لمنطقة جنوب شرقي أوروبا في القرن الثامن عشر،[1] حيث ذكرت أول مرة في العديد من قصص فلكلورية لشعوب تلك المنطقة. في العديد من القصص ذكر أن مصاصي الدماء عبارة عن أشباح حية أو جثث مسكونة بأرواح لمخلوقات شريرة أو لأشخاص ماتوا منتحرين وحتى أرواح مشعوذات والتي يمكن رؤيتها وتتصف بأنها لا تموت ويعتقد أنها قد قامت من الموت، ولكن يمكنأان تتحول جثة إلى مصاص دماء عن طريق نقل روح مصاص الدماء إليها أو أن يتحول شخص عادي لمصاص دماء عن طريق عضة مصاص دماء آخر. تلك القصص أحيانا قد تمت تضخيمها وتهويلها، حيث سببت بعض حالات الفزع والهستيريا في بعض المناطق وقد وصلت لدرجة قيام رجال لدين بحملات تطهير وإخراج الأرواح الشريرة من الأشخاص الذين كان يعتقد أنهم مسكونون بتلك الروح الشريرة لمصاص الدماء[2].
باختلاف المكان والقصة، تبقى عدة قواسم مشتركة لتلك الأساطير حول العالم، أهمها الدماء بوصفها تمثل رمز الروح وقوة الحياة[3] كما يعتبر عنصر أساسي لبعض الديانات مثل المسيحية. ووفقًا لبعض الكتاب فإن عضة مصاص دماء من منظور التحليل النفسي تعتبر أكثر خطرا من العنف الجسدي أو من العلاقة الجنسية عند الضحية[4].
نتيجة الاكتشافات الجغرافية والحركة التجارية في القرون الوسطى، بالإضافة لهجرة الشعوب مثل الغجر واليهود والهنود، فقد تم نقل بعض الأساطير والقصص من مكان لآخر، مما يجعل من الصعب التمييز بين المعتقدات الأصلية وبين نتاج التبادل الثقافي والذي اختلطت فيه القصص والأساطير عن الأرواح الشريرة الجن ومصاصي الدماء. مما شكل المفهوم السائد اليوم عن تلك الكائنات الخرافية وفتح مجالات جديدة للدراسة والتخصص في هذا المضمار.
في الحضارات القديمة
عود قصص عن مخلوقات لا تموت وتتغذى بالدماء واللحم البشري لقرون عدة ومنتشرة تقريبا في كل الثقافات البشرية[5]. اشتهرت تلك المنطقة بخرافات عن كائنات التي تقتات بالدماء واللحم البشري. الحضارة الفارسية كانت أول من وصفت تلك الكائنات الخرافية عبر الرسوم الموجودة على بقايا أواني فخارية مكتشفة في العديد من المواقع الأثرية[6]. في الوقت الحاضر تعرف تلك المخلوقات باسم مصاص الدماء (بالإنجليزية: Vampire)، لكن في العصور القديمة لم يكن هذا المصطلح معروفًا ومستخدمًا، لكن كان هذا الوصف ينطبق على أرواح أو على الجن والتي تتغذى بالدم واللحم، حتى الشيطان اعتبر أحد أشكال تلك الكائنات[7]. تقريبا كل ثقافة كان لها "مصاص دمائها" الخاص، حيث في المنطقة العربية عرف الغول وفي مصر القديمة كان أحد اشكال الآلهة سخمت. تعتبر بعض تلك الأساطير أساس قصص المصاص في فلكلور شعوب جنوب شرق أوروبا لكن المؤرخين اعتبروا أنه ليس بالضرورة أن تتصف بكل صفات مصاص للدماء[7][8].
[عدل] بلاد الرافدين
جدارية تمثل ليليث السومرية
في حضارة بابل عرفت ليليث كونها شيطانة مستهلكة للدم[9] والتي اشتقت من مثيلتها في الثقافة اليهودية: ليليث(بالعبرية:לילית) حيث كانت تعتبر شيطانة تتغذى بدماء الأطفال الرضع. في عدة كتابات عبرية قديمة كانت تعتبر زوجة آدم الأولى قبل حواء[10] وكانت قد تركت آدم لتكون ملكة على الشياطين، وفي نصوص أخرى يذكر أن الله قد عاقبها لرفضها زواج آدم بطردها من الجنة. ولحماية الأطفال من هجمات الشيطانة يقوم الأهل بتعليق طلسم على مهد الطفل لإبعادها عنهم[11].
قصص أخرى مشابهة لقصة ليليث تأتي من حضارة سومر حيث وصفت بحورية جميلة عاقر تسمى "ليليت" تبحث عن حبيب لها وعندما تجده لا تدعه يذهب أبدا[12] وقد وصفت أحيانا بأن الرياح تأخذ شكلها أو كحيوان مفترس يطارد الأمهات وأطفالهن[11]. ألهات بابلية أخرى مثل "أماشتو" و"غالو" قد ذكر أنهم يتصفون ببعض صفات مصاصي الدماء[13][14]
"أماشتو" تتصف بأنها أقدم تاريخيا من ليليث[15] وتعتبر ابنة إله السماء "أنو" وذكر وصفها بأنها مخلوق مرعب ماص للدماء ذو رأس أسد وجسم حمار[16] ولكن بخلاف "ليليت" فهي تحمي النساء الحوامل[17]، خاصة في مرحلة الولادة لكن بعد الولادة تخطف المولود وتأكل لحمه وتشرب من دمه[16].
غالبا ما يذكر الثلاثه مجتمعين "ليليت" و"أماشتو" و"جالو" على أنهم أرواح شريرة تهدد كل منزل وكل شخص وبوصفهم ذو خطر كبير، وجعلون من دمائهم تهطل مثل المطر في العديد من الأوصاف. جالو تظهر أيضًا في الثقافة البيزنطية أيضا تحت اسم "جيلو" "Gello, Gylo, Gyllo" بوصفها إمرأة شيطانة تخطف وتقتل الأطفال[13].
[عدل] الحضارة العربية
بعد تراجع تأثير قصص بلاد الرافدين عن مصاصي الدماء، ظهرت بعض القصص المماثلة في سلسلة الحكايات المشهورة ألف ليلة وليلة وتحكي عن مصاصي الدماء أيضًا،[18] والتي تتحدث عن أرواح شريرة حية أو ميتة والتي ممكن ان تتحول لمصاصي دماء. إحدى تلك القصص تحكي عن زواج أمير مع مصاصة دماء تسمى "نديلة" والتي عندما يكتشف هويتها يحاول قتلها. في قصة أخرى اختطاف أميرة من قبل مصاص دماء وثم تحاول الهرب منه بخداعه وفي النهاية تعود لعائلتها.[19]
[عدل] الحضارة الإغريقية
"لاميا" 1909 بريشة الرسام البريطاني جون ويليام وترهاوس
تذكر المثيولوجيا الإغريقية عدد من أسلاف مصاصي الدماء الحاليين، لكن من دون وصفهم بعدم قدرتهم على الموت. منهم "إمبيوسا"، "لاميا"[20] وحيوان الـسترغس (باللاتينية:striges) أي حيوان شبيه بالبومة في الميثولوجيا اللإغريقية والرومانية. مع الوقت، الاسمين إمبيوسا ولاميا أصبحا أسماء مصاحبة للمشعوذات وللشياطين تباعا. إمبيوسا هي ابنة "هيكاتي"، ألهة يونانية-رومانية تمارس السحر وتلقي اللعنات. ووصفت إمبيوسا بأنها شيطانة ذات أرجل برونزية تتغذى بالدم وتتحول لإمرأة جميلة تغوي الرجال وتقيم علاقة معهم من ثم تشرب دمائهم[21]. لاميا هي ابنة الملك "بيلوس" المصري وعشيقة الإله زيوس السرية. وتقول الأساطير أن هيرا اكتشفت العلاقة وانتقمت بقتل كل ذرية لاميا، أقسمت لاميا على الانتقام وذلك بالتسلل على أمهاد المواليد ليلا ومص دمائهم[20]. كذلك السترغس، يقوم بقتل الأطفال ولكن يقتل أيضًا الرجال اليافعين، وقد وصف بأنه أحد أنواع الطيور الليلية اللاحمة وعلى الأرجح بومة وقد اقتبس لاحقا في الثقافة الرومانية تحت اسم "ستركس" (بالاتينية:strix) والذي يقتات من دماء الأطفال[22]. يذكر في قصص فلكلور رومانيا الأرواح والجثث القائمة من قبورها وتسمى "ستريغوي" (بالرومانية:Strigoï) والذي توجد علاقة غير مباشرة بين المصطلح الإغريقي والروماني، وتوجد أيضا في الألبانية "Shtriga" والسلافية "Strzyga"[23]. ذكر أيضًا بعض الكائنات ذات صفات مصاصي الدماء في ملحمة هوميروس "أوديسة"، في القصة يقول هوميروس أنه لا يمكن سماع الأرواح الغير قابلة للموت إلا بعد أن تشرب الدم أولا. وفي الملحمة أيضًا ذكر أن أوليس قبل أن يبدأ رحلته داخل جسد هاديس قد ضحى بحمل كي تشرب الأرواح دمه ولكي تكون قادرة على التواصل معه[2].
[عدل] الهند
رسم لألهة "كالي" على جدران أحد المعابد الهندوسية، رسمن من القرن السابع عشر
في الهند، ذكرت مخلوقات شبيهة بالغول وتسكن الجثث وتدعى "فيتالا" (بالسنسكريتية:vetāla أو वेताल) وذكرت في العديد من القصص الشعبية وعلى الأخص في مجموعة قصص "كاثاساريتساغارا" (Kathāsaritsāgara) منها قصة الملك "فيركاماديتيا" (Vikramāditya) وعن مغامرته اليلية للقبض على إحدى تلك المخلوقات التي شبهت في القصة بخفاش والتي لا تموت وتنام معلقة من رجلها وتسكن المقابر والتي تشبه لحد بعيد شكل مصاص الدماء المشهور في وقتنا الحاضر[24]. مثال آخر هو "بيشاتشا" (Pishacha) وهم عبارة عن شياطين آكلة للحم أو أرواح الأشخاص ذو أمراض عقلية ويتصفون بصفات مصاصي الدماء[25].
يذكر أيضا الإلهة كالي في الثقافة الهندية حيث تملك أربع أذرع وطوق من الجماجم وتلبس الجثث. وقد بنيت لها عدة معابد في أرجاء البلاد بالقرب من المقابر وذلك للإرتباطها بالدماء والجثث[26]. وقد ذكرت الأساطير أن كالي وإله آخر هو "دورغا" قد قاتلوا الشيطان "راكتافيجيا" (معنى اسمه بالسنسكريتية بذرة الدم)[27] المتميز بقدرته على ان يتجدد من كل قطرة دم مسالة منه[28] ولكن في النهاية كالي شربت كل دمه لكي تربح المعركة وتقهر الشيطان[29]
[عدل] العصور الوسطى والمعتقدات الأوروبية
[عدل] موجة الذعر العامة في القرن الثامن عشر
في أوروبا وخلال القرن الثاني عشر، قام المؤرخان الإنجليزيان والتر ماب وويليم بارفوس بتوثيق عدة حالات من دعاوى بوجود كائنات لا تموت وأشباح[30]، وبعد تلك الفترة لم تتوفر اساطير إنجليزية أخرى عن حالات مشابهة[31]. القصص الإنجليزية كانت مشابهة لمثيلاتها من أوروبا الشرقية ولكن ازدهرت بالأخص في القرن الثامن عشر حيث القصص الأوروبية انتشرت بشكل واسع في إنكلترا وألمانيا والتي تم المبالغة فيها وتنميقها ونشرها بين طبقات الشعب.
في ذلك الوقت، إجتاحت أوروبا الشرقية موجة من الذعر والخوف من تلك الكائنات، وقد قامت حملات تطهير ونبش قبور بهدف القضاء على مصاصي الدماء، حتى الحكومات المحلية شاركت الحملة[32]. على الرغم من تسمية ذلك العصر بعصر التنوير حيث العديد من الأساطير والخرافات قد تم التخلص منها، فإن أسطورة مصاص الدماء انتشرت بشكل درامي، مما سبب حاله من الهستيريا في معظم أرجاء القارة[2]. الذعر بدأ من بروسيا الشرقية، حيث عام 1721 ظهرت عدة هجمات لمصاصي الدماء في تلك المنطقة، في إحدى تلك الهجمات أحد الأشخاص صربي الجنسية يدعى "Peter Plogojowitz" والذي قد مات قبل عن عمر 62 عام قد ظهر لابنه يطلب منه طعام، وعندما رفض ابنه أن يطعمه، وجد الابن صباح اليوم التالي ميتا، وقد عاد بيتر بعد أيام وقتل العديد من جيرانه لعدم تغذيته بالدم الكافي[32] مما جعل الناس يعتقدون أنه مصاص دماء. هذه القضية وغيرها قد تم التحقيق فيها من قبل الحكومة وتوثيقها ونشرها ككتاب في ارجاء أوروبا[33]، والتي ضخمت القصص. وسرعان ما انتشرت عدة قصص مشابهة في أرجاء عديدة من القارة العجوز والتي تدعي أن مصاصي الدماء قد قاموا بهجمات لا سيما في المناطق الريفية والأحياء الفقيرة، وبدأت حملات محلية نبش القبور ومطاردة المصاصين. على الرغم من أن المتعلمين والمثقفين قد أكدوا عدم وجود مثل تلك الكائنات وأن القصص ليست إلا خرافات، إلا أن التشاؤم والخوف ازدادوا بشكل أكبر.
"عدة لقتل مصاصي الدماء" والتي بيعت في مدينة بوسطن حوالي عام 1840، واستعملت في عملية اصطياد مصاصي الدماء في منطقة ترانسيلفانيا الرومانية
أحد القساوسة الفرنسيين يدعى "أوغستين كالمي" (بالفرنسية: Augustine Calmet) كتب عدة مقالات عام 1746 ووثقها بأدلة تؤكد عدم وجود مصاصي الدماء، لكن العديد من قرائه مثل فولتير وغيره انتقدوا ما نشره الراهب وقد فسروه خطأ بأنه بكتاباته يؤكد وجود تلك المخلوقات الأسطورية[34].
انتهت الأزمة بارسال الأمبراطورة ماريا تيريزا طبيبها الخاص "جيرارد فان سفيتن" (بالألمانية: Gerard van Swieten) إلى أحد المناطق المضطربة للتحقق في صحة الإدعاءات عن مصاصي الدماء والذي خرج بنتيجة عدم وجودهم، وبعدها أصدرت الأمبراطورة قانونا يقضي بحرمان نبش القبور وفتح توابيت الموتى مما أدى إلى إنهاء موجة الذعر. وبقيت خرافات مصاصي الدماء مربوطة بالأعمال الأدبية والاعتقادات المحلية[34].
[عدل] الشعوب السلافية
أحد أكثر الأمثلة رواجا في حضارة شعوب السلاف عن مصاصي الدماء تكمن بكونهم سحرة أو أناس غير أخلاقيين، صفات تنطبق على الذين قد فارقوا الحياة بطرق غير طبيعية مثل الانتحار، أو من قد حُرموا كنيسيا، من قد مارس نشاطات غير دينية، أو في حالة ترك جثة أو قبر الميت عرضة للحيوانات أو في حالة قفز حيوان فوق الجثة أو طيران طيور فوق القبر، وينطبق أيضا على المواليد ذو عيوب خلقية[35]. في مناطق جنوب روسيا، الأشخاص المعروفون أنهم يتكلمون مع أنفسهم يعتبرون ذو خطر أن يتحولوا لمصاصي دماء[36]، مصاصي الدماء السلافيين يتميزون بقدرتهم على الظهور على شكل فراشات[37] والتي تعرف من قبل أنها تمثل الأرواح الضائعة[38]. بعض التقاليد تقول أن مصاصي الدماء هم كائنات ثنائية الروح والتي عند نومها تهجر الروح الجسد وتتحول لطبيعتها المؤذية والماصة للدماء[39].
شعوب السلاف في المناطق الشمالية للقارة الأوروبية (مثل روسيا وأوكرانيا) كان لهم رؤية أخرى عن مصاصي الدماء عن جيرانهم من مناطق أخرى، فمصاص الدماء لا يموت أيضا لكنه لا يشرب الدماء والاسم السلافي لمصاص الدماء عندهم لا يشابه الاسم في مناطق أخرى لتلك الشعوب. في أوكرانيا لا يتصف أبدا بأبدية حياته[40]. في الفلكلور الأوكراني يتصفون بأنهم ذو أوجه حمراء وذيول قصيرة[41] وخلال فترة انتشار وباء الكوليرا خلال القرن التاسع عشر، انتشر الاعتقاد بأن المرضى سوف يتحولون إلى مصاصي دماء[39][42].
رسم توضيحي ل"فارني" مصاص الدماء، في إحدى خرافات أوروبا الشرقية (1845-1847)، بريشة جيمس مالكولم ريمر
شعوب السلاف في المناطق الجنوبية من أوروبا اعتقدوا ان مصاص الدماء يمر بمراحل متعددة قبل أن يتحول إلى مصاص دماء كامل، أول 40 يوم تعتبر مهمة من تطوره حيث يبدأ كخيال غير مرئي ويزداد قوة ووضوح بمجرد ان يقتات من دم ضحيته حيث يصبح ذو هيئة جيلاتينية بدون عظام وتطور ليكتسب شكله الآدمي تقريبا كشكله الأصلي عندما كان حيا، وبعد تطوره يصبح بإمكنه مغادرة قبره والبدء بحياة جديدة. في الغالب يكون المصاص ذكرا يستطيع القيام بالتواصل الجنسي وان يرزق بأبناء من أرملته أو من زوجة جديدة والذي يجعل منهم مصاصي دماء أيضا، أو يمكنهم من اكتساب قدرة على رؤية مصاصي الدماء مما يجعلهم "صيادي مصاص الدماء". الموهبة نفسها يعتقد انها تعطى لمواليد الذين يولدون أيام السبت[43]. في منطقة دالماسيا الكرواتية يعتقد بوجود أمرأة ماصة للدماء تسمى "مورا" أو "مورانا" (Mora ،Morana) والتي تطارد الرجال وتمتص دمائهم، كما يعتقد بوجود الأموات حديثا والذين لم يتبعوا نمط حياة ديني أثناء حياتهم يسمون "كوزلاك" (kuzlac/kozlak)[44] وقد يكونون رجال أو نساء، يظهرون على نواحي الطرق وقرب التجمعات الحضرية أو في المقابر والكهوف ويقومون بإخافة السكان وشرب دمائهم، وليتم قتلهم يجب غرس وتد خشبي في صدوروهم.
في التشيك، كرواتيا، سلوفينيا وسلوفاكيا ذكر نوع من المصاصين تحت اسم "بيافيكا" (بالصربية:pijavica) وتترجم حرفيا ب"الشارب" والذي يوصف لمن عاش حياة مليئة بالخطايا واقترف اعمال شريرة، وبالمقابل بعد موته يصبح قاتل بارد الأعصاب وشارب للدماء. في حالات العلاقات الجنسية المحرمة مثل بين الأم وابنها يتم خلق ال"بيافيكا" والذي بالعادة يعود بعد موته إلى عائلته ويقوم بقتلهم، ولابعاده عن البيوت يتم بتعليق الثوم ووضع النبيذ على نوافذ وشرفات المنزل، أما قتله يتم عندما يكون صاحيا بحرقه بالنار أوبطرد الروح الشريرة من قبره من قبل كاهن خلال فترة النهار[45]
بهدف ابعاد مصاصي الدماء والأمراض عن القرية، يقوم أخوان تؤام بحراثة حلقة حول القرية بمحراثين، ويتم كسر بيضة وادخال مسمار في أرضية منزل شخص توفي حديثا، وتقوم اثنتان أو ثلاثة نسوة عجوز بزيارة المقبرة مساءا بعد الجنازة ويقومون بغرس 5 اعواد من نبات الزعرور أو خمس أوتاد خشبية في القبر، واحدة باتجاه صدر الميت والأربع لأطرافه. معتقدات أخرى تقول انه الركض للخلف حاملا شمعة وسلحفاة يكون كافيا لمنع شر مصاص الدماء، يمكن أيضا احاطة القبر بحبل صوفي أحمر لمنع الميت من التحول لمصاص دماء والانتظار حتى يتم احتراق الحبل بالكامل[46]. إذا سُمعت ضجة ليلا واشتبه بان مصاص الدماء يحاول التسلل للمنزل، يجب على أهل المنزل النداء: تعال غدا وسوف أعطيك بعض الملح أو أذهب يا صديقي وعد ومعك بعض السمك لابعاد مصاص الدماء[47].
[عدل] هنغاريا
في هنغاريا، عرفت اساطير مصاصي الدماء منذ العصور الوسطى، وقد ذكرت مخلوقات متعطشة للدماء في ملاحظات صادرة عن محاكم التفتيش. حيث أن في القرن الثاني عشر، استجوبت محاكم التفتيش الهنغارية أحد مشعوذي "الشامان" الوثنيون خلال محاكمة في مدينة سارويستاك شمالي البلاد حيث ادعى وجود شيطان يسمى "إيزاكوس" (بالهنغارية: izcacus) ويعني حرفيا "شارب للدم"، وقد وصف بأنه مخلوق قوي قادر على تدمير اعداء المشعوذ. اللغويون الهنغار قدروا ان استعمال تلك الكلمة يعود إلى ما قبل دخول الهنغار إلى المنطقة عام 895، وتعود أصل الكلمة إلى اللغة التركية والتي اشتقت منها خلال القرن الثامن عشر[48].
[عدل] رومانيا
مصاصي الدماء في رومانيا يسمون "موروي" (moroi) مشتقة من اللغة السلافية وتعني كابوس أو "ستريغوي" (strigoi) والتي يمكن أن يكون إما حي أو ميت، يوصف ب"ستريغوي" الحي المشعوذات الاتي تملكن قلبين أو روحين أو كلاهما[49]، هذه المشعوذات تتصف بقدرتهم على إرسال ارواحهم ليلا ليلتقوا مع ارواح ستريغوي أخرى ويقومون باقتناص الضحايا وشرب دمهم. الستريغوي الميت توصف للجثث التي تتحرك والتي تمص الدماء وتهاجم افراد عائلتهم. توجد طرق أخرى للتحول لمصاص دماء: المواليد الجدد ذو العيوب الخلقية، وجود حلمة ثالثة، ذيل أو شعر زائد[50] فقد لعنوا ليكونوا مصاصي دماء، المصير نفسه يناله الابن السابع في العائلة إذا كان كل إخوانه ذكورا، ونفس الوصف للإناث، للمواليد الذين ولدوا قبل موعدهم أو لأم أحدهم والتي اعترض طريقها قطة سوداء، الإمرأة الحامل التي لم تأكل ملح أو كانت محبوسة من قبل مصاص دماء أو ساحرة يمكن ان يتحول مولودها لمصاص دماء. معظم هذه الخرافات قد نشرت من قبل رجال الدين بهدف منع ولادة أطفال غير شرعيين. حالات أخرى يمكن التحول لمصاص دماء هي عن طريق الموت بطرق غير طبيعية أو موته قبل أن يتم تعميده، والأشخاص الذين يملكون عيون زقاء وشعر أحمر يمكن أن يتحولوا إلى "ستريغوي"[51].
مصاصي الدماء الرومانيين يتسمون بعضتهم عند القلب أو بين العينين[52]، والموت المفاجئ يمكن أن يشير لاحتمال وجود مصاص دماء في الجوار. وقد تم فتح القبور كل خمس إلى سبع سنين للتحقق من وجود حالة تحول لمصاصي الدماء، ويتم غسل الجثة وإعادة دفنها[53][54].
[عدل] اليونان
بوجود عدة اختلافات عن مصاصي الدماء في الحقبة التاريخية لليونان عن مثيلتها في فترة العصور الوسطى، فإن كلمة "فوريكولاكس (باليونانية:βρυκόλακας = vrykolakas) تصف مصاصي الدماء العصريين والمماثلين لنظائرهم الأوروبيين، ولكن بشكل أخص يظهر مصاص دماء يسمى "كاتاخانديس" (καταχανάδες = katakhanades) في جزيرة كريت[55] والذي عرف منذ قرون وانتشر بشكل أكبر في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر مما جعل العديد من السكان يحاولون اصطياده وتطهيره من الروح الشريرة. يقوم السكان عادة بإخراج الموتى من قبورهم بعد ثلاث سنوات من بعد دفنهم، ويغلق في تابوت عند اقربائهم، يتم سكب النبيذ على الجثة حينما يقوم كاهن بقراءة عدة مقاطع من الإنجيل[56]، إذا كنت الجثة غير متعفنة يقال عنها "فوريكولاكس" ويتم تطهيرها من الروح الشريرة[57].
في الفلكلور اليوناني يتم التحول إلى مصاص الدماء في احدى الحالات التالية: إذا تم حرمان الشخص كنسيا، عند عدم احترامه لمناسبة دينية، اقترافه جريمة عظمى أو عندما يموت وحيدا، حالات أخرى تشمل قفز قطة فوق قبر احدهم، اكل لحم خروف قتله ذئب أو عندما يكون الشخص ملعونا من قبل مشعوذة أو ساحرة. فوريكولاكس لا يتم تمييزه عن الناس العاديين مما حيكت عنه العديد من الأساطير والقصص الشعبية[56]. تم استعمال الصلبان والخبز المقدس من الكنيسة كوسيلة للحماية من تلك الكائنات. ولتجنب تحول الموتى لمصاصي دماء يتم دق مسمار معدني عند القلب وذلك عندما يكونون في قبورهم أو يتم حرق لجثث ونثر رمادهم. بما أن الكنيسة تحرم حرق الموتى الذين تم تعميدهم كمسيحيون، فإن حرق الموتى لم يعد يستعمل كوسيلة ضد مصاصي الدماء[56].