تعكف شركة أميركية على صنع جهاز لاختبار الدم سيساعد الأطباء على التشخيص المبكر للسكتات الدماغية، مما يتيح الفرصة لتقديم العلاج اللازم والسريع، باعتبار أن أحد أهم مشاكل السكتات الدماغية هي التشخيص وليس العلاج. وينتظر أن تطرح الشركة في المستقبل نماذج مطورة من الجهاز لديها القدرة على تشخيص الأنواع المختلفة للسكتات الدماغية والتمييز بينها.
وتعتبر السكتات الدماغية من أكثر الأسباب شيوعا للموت أو العجز، حيث يعاني منها حوالي 700 ألف شخص سنويا في الولايات المتحدة وحدها.
وللسكتات الدماغية سببان: جلطة (انسداد) في أحد شرايين المخ (حوالي 80% من الحالات)، أو انفجار أحد الأوعية الدموية والنزيف (حوالي 20% من الحالات). ويتوفى تقريبا 25% من هؤلاء الذين يصابون بالسكتات الدماغية، أما الناجون فإنهم عادة ما يعانون من تلف دائم في أجزاء من المخ.
وترجع صعوبة تشخيص السكتات الدماغية إلى أن أعراض الأخيرة تتشابه بشدة مع أعراض عدة أمراض أخرى. ورغم أن الأشعة السينية المقطعية لديها القدرة على اكتشاف حالات السكتات الدماغية الناتجة عن النزيف، لكنها أقل كفاءة في اكتشاف الحالات الناتجة عن الجلطات.
أما أهمية الاكتشاف المبكر للسكتات الدماغية فترجع إلى أن أدوية "تذويب" الجلطات (الانسدادات الشريانية)، والمعروفة بمضادات التجلط، هي متاحة بالفعل، وتستطيع أن تقلل التلف الذي قد يحدث في المخ إذا ما أعطيت خلال 3 ساعات من حدوث السكتة الدماغية.
طريقة عمل الجهاز الجديد
توصل الباحثون في شركة بيوسايت Biosite للأجهزة التشخيصية بالولايات المتحدة، من خلال دراستهم للعديد من عينات الدم لأشخاص مصابين بالسكتات الدماغية إلى أن المخ يفرز تركيبة من 6 أنواع من البروتينات في الدم في حالة السكتات، وما يقوم به الجهاز الجديد هو الكشف عن وجود هذه البروتينيات.
وسيكون استعمال هذا الجهاز بسيطا للغاية، إذ سيتم وضع بضع قطرات من الدماء في أنبوبة اختبار صغيرة يتم إدخالها في جهاز صغير سهل الحمل، ويعطي النتائج بعد 15 دقيقة. وهذا ما يجعل الجهاز صالحا للاستخدام في سيارات الإسعاف وغرف الطوارئ بصورة عملية وميسرة.
وقد أكدت الشركة أن دقة ذلك الجهاز تماثل 3 أضعاف تلك الخاصة بالأشعة المقطعية في تشخيص السكتات الدماغية الناتجة عن الجلطات، وأنها بصدد اختبار الجهاز الجديد في 15 مركزا طبيا في الولايات المتحدة.
النماذج المستقبلية من الجهاز
وينتظر أن تكون النماذج المستقبلية المطورة من الجهاز أكثر كفاءة وقدرة على التفريق بين نوعي السكتات الدماغية (أي تلك الناتجة عن الجلطات والأخرى الناتجة عن النزيف). فإذا ما تم إنجاز ذلك فإنه سيرفع عن عاتق الأطباء الحيرة التقليدية التي يقعون فيها مع كل حالة سكتة دماغية.
فهم لا يودون الإسراع في إعطاء مضادات التجلط خشية أن تكون السكتة الدماغية بسبب النزيف فيزداد الأمر سوءا (لأن مضادات التجلط تعمل على زيادة سيولة وانسياب الدم). في نفس الوقت فإن التأخر في إعطاء مضادات التجلط، في حالة أن يكون سبب السكتة الدماغية هو الجلطة، يضيع فرصة العلاج وحماية المخ من التلف.
جدير بالذكر أنه نتيجة لأهمية التشخيص المبكر للسكتات الدماغية في توصيف علاجها وتقليل الآثار الناتجة عنها، فإن الأبحاث تسير في ذلك السبيل على قدم وساق في أكثر من اتجاه.
ففي عام 2001 توصل فريق بحثي من جامعة ويسكنسن بالولايات المتحدة إلى أنه يمكن استشراف حدوث سكتات دماغية عن طريق مراقبة نظام الشعيرات الدموية لشبكية العين، نتيجة لتشابهها مع الشعيرات الدموية الخاصة بالمخ. وقد اعتبر الباحثون أن الضيق التدريجي للشعيرات الدموية لشبكية أحد الأشخاص مؤشر حقيقي على إمكانية حدوث سكتات دماغية له.